ما أروع كلمة الله! قيَل في أحد الأيّام إنّ: "اليوم الذي يتعلّم فيه الطفل الصغير أن يأكل لوحده هو يومٌ عظيمٌ في نظره. على المنوال ذاته تبدأ حياة المؤمن حياةً جديدةً حين يكون لنفسه عادة الذهاب كلّ يومٍ الى الموارد الأساسيّة للحياة الروحيّة من أجل تغذية نفسه".
ما أروع كلمة الله! فكم من الممتع أن أدرس الكتاب المقدّس كمسافرٍ يسعى للحصول على معرفةٍ اختباريّة دقيقة لبلاد جديدة: فأمرّ على حقول تعاليمه الواسعة، وأهبط الى وديان حقّه العميقة، وأتسلّق جبال رؤاه السامية، وأتبع جداول إلهاماته المحيية، وأدخل قاعات ارشاداته المنيرة، وأتفقّد صالات عرضه المدهشة.
ما أروع كلمة الله! ففيها اندمج كلام الله بكلام البَشَر، وتفرُّد الحدث التاريخيّ بمصداقيَّة الكلمة الأزليَّة التي تتعدّى التاريخ: فكلمة الله هي من الماضي ولكنّها تواكب الحاضر وتقود نحو المستقبل.
ما أروع كلمة الله! إذ هي مسيرةٌ على طريق عمّاوس مع ذاك الغريب الذي سيفسّر لنا كلّ ما جاء عنه في الكتب ليفتح أذهاننا لفهمها (لوقا 24: 45) فيضحي القريب القريب.
وفي الختام، مع إنزو بيانكي (Enzo Bianchi) أحاكي ما كتبه بولس الرسول في نشيد المحبّة (1 كورنتس 13: 1-13) معلنًا:
"لو تعلّمتُ آيات الكتاب المقدَّس غيبًا وذكرتُها في كلّ مناسبةٍ، ولم تكن لي المحبّة فما أنا إلاّ نحاس يطنّ أو صنج يرنّ. ولو تعلّمتُ قراءة الكتاب المقدَّس بحسب الفنون الأدبيَّة والتقاليد التاريخيَّة والأساليب الإنشائيَّة، ولم يكن لي الإيمان، فما أنا بشيء. ولو استطعتُ أن أستخدم جميع الوسائل الحديثة في تفسير الكُتُب المقدَّسة، بحسب البيئة والثقافة والظروف التي نشأتْ فيها ولم يكن فيّ الروح القُدُس، فما يُجديني ذلك نفعًا. الحرف يقتل وأمّا الروح فيُحيي. العِلم والألفاظ تزول وأمّا الكلمة فهي التي تبقى إلى الأبد. عندما نقرأ الكتاب المقدَّس قراءة روحيَّة علينا أن نُصغيَ إلى الكلمة بإيمان، وأن نفهمها بالروح القُدُس، وأن نسعى بالمحبّة لملاقاةٍ شخصيَّةٍ مع الربّ يسوع".
حقًّا، ما أروع كلمة الله!

