بعض القواعد المفيدة

أضيف بتاريخ 05/21/2022
Church Go Digital


تنبّه إلى القواعد الفنّيّة التي تساعدنا على المقاربة الصحيحة لكلمة الله:

أ‌- ضرورة القراءة بالتشكيل:

ولا يُقصد بها تعقيدات اللغة بل قراءة الكلمة بنفس المعنى الذي قصده الكاتب الأصليّ، لأنّ اللغة العربيّة مبنيّة على التشكيل إلى حدٍّ كبير. وبتغيير تشكيل الكلمة تصبح لها معانٍ مختلفة، وبالتالي فعندما تُقرأ بتشكيل مغاير ستعطي معنًى مغايرًا لما قصده الكاتب. والتشكيل الصحيح يُظهر المعنى الدقيق للآية. وهناك أمثلة عديدة تدلّ على خطورة عدم الانتباه للقراءة بالتشكيل. ونذكر منها على سبيل المثال: غلاطية 3: 3
إذا كانت كلمة "تكملون" بدون تشكيل فمن الممكن أن تُقرأ بطريقتين: الأولى "تُكْمِلون" يفيد التكملة أي تتمّة المشوار، ويصبح معنى الآية: "بعد أن ابتدأتم بالروح تريدون أن تُكمِلوا حياتكم بالجسد". ومن الممكن بناء على ذلك أن نعظ عن أهمّيّة السلوك بالروح وليس السلوك بالجسد، وأيضًا كلمة الجسد هنا تفهم على أنّها عكس الروح أي كلّ ما هو جسديّ.
القراءة الثانية: "تُكَمَّلونَ" يفيد الكمال، فيصبح معنى الآية بعد أن تكمّلتم أمام الله بعمل الروح تريدون أن تتكمّلوا أمام الله بأعمال الجسد وهنا يكون المقصود أنّ عمل المسيح الذي أتمّه لا يحتاج إلى شيءٍ يكمّله حتّى لو كان هذا الشيء هو أعمال الجسد والمقصود هنا الختان.
وهكذا نلاحظ اختلاف المعنيَين تمامًا. ولكن إن راعينا التشكيل الواضح في الآية نجد الضمّ في أوّلها والتشديد على حرف الميم وضمّ اللام وبالتالي تُقرأ  "تُكمَّلون" وهذا يعني أنّ القراءة الثانية هي الصحيحة.
 

ب‌- الانتباه إلى أدوات الوصل، فهي:

  • تدلّ على تطّور الفكر.
  • ترسم زمن الأحداث.
  • تعطي انطباعًا عن الحالة النفسيّة.
  • تظهر طبيعة الرسالة المنقولة.
  • نذكر منها: و - مع أنّ  - لكن  - لكي – لـ - كما – مثل – أو – فـ – حينما – بينما – بعد – لأجل – لذلك...
 

ت‌- القراءة في ضوء القرينة (سياق النصّ):

وكلمة "القرين" في اللغة العربيّة تعني (الصاحب). وفي فهم النصّ الكتابيّ يكون المقصود هو الجزء المصاحب للآية أو ما يسمّى سياق النصّ. وهناك الكثير من الكلمات والجمل التي تُعطي معانيَ مختلفة باختلاف القرينة المرافقة. فعلى سبيل المثال كلمة "البيت" تعني المنزل ويمكن أن تكون "الشقّة" وتستخدم أحيانًا بمعنى "العائلة" وذلك بحسب المكان والبيئة. وهذا يعود إلى موضع الكلمة في الجملة وموقع الجملة من الفقرة بالإضافة إلى تأثير بعض العادات والتقاليد على مفهوم الكلمة. وينطبق هذا على قراءة الكتاب المقدّس، فهناك الكثير من الكلمات والآيات التي تُعطي بُعدًا مغايرًا ومعنًى مختلفًا يتنوّع باختلاف سياق النصّ.
مثلاً : كلمة "خلاص"، فتأتي بمعانٍ مختلفة:
  • خروج 30: 13-14 خلاص الربّ بمعنى الإنقاذ من الأعداء.
  • مزمور 33: 16 يخلّص بمعنى الانتصار في الحرب. 
  • لوقا 7: 50 خلّصك بمعنى الغفران والمسامحة عن الخطايا.
  • لوقا 8: 36 خلّص بمعنى الشفاء من المرض. 
وأيضًا كلمة "القلب":
  • نحميا 4: 6 قلب بمعنى إصرار وعزيمة (هدف ورؤية).
  • متّى 6: 21 قلبك بمعنى الفكر.
  • يعقوب 4: 8 قلوبكم بمعنى الضمير.
  • 2 بطرس 1: 19 قلوبكم بمعنى العقل.
 

ث‌- القراءة مع ملاحظة علامات الترقيم:

ما هي علامات الترقيم وما أهمّيّتها؟
النقطة (.) - الفاصلة (،) - علامة الاستفهام (؟) - علامة التعجّب (!) - علامة التنصيص ("") الأقواس ( ) 
مثلاً: 
  • أهمّيّة الفاصلة في 1 يوحنّا 3: 3:
القراءة الأولى: "وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ، بِهِ يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ".
القراءة الثانية: "وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ".
  • أهمّيّة علامة الاستفهام (؟) في يوحنّا 12: 27
"اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ: أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟ وَلكِنْ لِأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ". (يبدو لأوّل وهلةٍ أنّ المسيح يريد أن ينجّيه الآب من هذه الساعة. ولكن الآية في الأصل تنتهي بعلامة استفهام فيصبح المعنى: إنّه رغم نفسي المضطربة فإنّي لا أقول أيّها الآب نجّني من هذه الساعة لأنّي لأجل هذه قد أتيت. أي أنّ المسيح يستنكر أن يطلب من الآب الإنقاذ من هذه الساعة.)
 

ج‌-  القراءة في ضوء اللغات الأصليّة:

كُتب الكتاب المقدّس باللغات الأصليّة، وما النسخ التي بين أيدينا إلاّ نُسخ مترجمة عن هذه اللغات فقد كُتب العهد القديم باللغة العبريّة وبعض الأجزاء باللغة الأراميّة وهي لغة شقيقة للغة العبريّة، في حين كُتب العهد الجديد باللغة اليونانيّة. ولا يستدلّ على معنى كثير من الآيات بدقّةٍ إلاّ بالعودة إلى اللغات الأصليّة التي كتبت بها، وذلك لاختلاف أزمنة الأفعال بين اللغات وكذلك التعبيرات والمصطلحات اللغويّة.
 

ح‌-  القراءة مع مراعاة أنواع النصوص المختلفة:

تتنوّع الأساليب والصيغ الأدبيّة في الكتاب المقدّس بحسب تنوّع الكتّاب والحقبات الزمنيّة والظروف الاجتماعيّة والسياسيّة المحيطة بالظرف الذي كُتب فيه النصّ. من أجل فهم الكتاب المقدّس على المؤمن أن يراعي هذه الصيغ الأدبيّة، دون أن ينسى معرفة من المرسِل أي الكاتب والمرسَل إليهم. إذ إنّ القراءة السيّئة للكتاب المقدّس قد تقودنا إلى إيجاده ككتلةٍ من التناقضات لا رابط بينها.
 

خ‌-  العودة إلى الشروحات والتفاسير (2تيموتاوس 4: 13):

إنّنا نتذكّر هنا نصيحة بوعز لراعوث لمّا قال لها: "إذا عطشتِ فاذهبي إلى الآنية واشربي ممّا استقاه الغلمان" (راعوث 2: 9)، فلقد كان للغلمان طاقة أكبر ممّا لراعوث في استخراج الماء من البئر العميقة. هكذا أيضًا يوجد رجال لله زوّدهم الربّ بمواهب فذّة، استطاعوا فهم كلمة الله بصورة واسعة، وسجّلوا ما استنتجوا في كتبٍ صـارت بـركةً للأجيال، ومكتبات اليوم عامرة بعصارة جهدهم وطاقتهم وبحوثهم في هذه الكلمة، يمكننا العودة إليها عند الحاجة.
 

د‌-  المقاربة الصحيحة للفهم الصحيح:

لفهم الكتاب المقدّس يجب أن نفرّق بين ما يقوله الكتاب فعلاً وما نقوله نحن. وهذه أمثلة على نوعيّات الحديث داخل مجموعةٍ تدرس الكتاب المقدّس.
  • شخصٌ يقول: إنّ ما يقوله النصّ صراحةً هو كذا وكذا (حقيقة كتابيّة).
  • آخر يقول: إنّي قد استخرجت هذه المعلومة من مصادر أخرى (معلومات عامّة).
  • هذا المعنى أُخذ في الاعتبار ولم يُكتب صراحةً في النصّ (معنًى ضمنيّ).
  • إنّي أقترح أنّ ما حدث هو نتيجة لـ... (وجهة نظر).
  • إنّي أتصوّر الموقف هكذا... (سيناريو - تخيّل).
  • إنّ ما أراه من خلال الحقائق الكتابيّة والمعاني الضمنيّة هو... (تفسير).
  • إنّي أرى نفسي في شخصيّةٍ من شخصيّات النصّ (تقمّص).
  • إنّي أجد هذا الموقف قابلاً للتطبيق في حياتنا اليوم (تطبيق).
  • أحبّ أن أشرح الموقف ولكن ليس لديّ الدليل الواضح في  النصّ (نظريّة بدون برهان).
  • أحبّ أن أنتقل من الحقائق الصلبة إلى التأمّل (تأمّلات بعيدة).
 
"علّمني يا ربّ طريق فرائضك، فأحفظها إلى النهاية. ‏
فهّمني فألاحظ شريعتك، وأحفظها بكلّ قلبي.‏ 
درّبني في سبيل وصاياك، لأنّي بها سررت.‏" (مزمور 119: 33-35)