بين القراءة التصفّحيّة السطحيّة (skimming)
والقراءة التفحّصيّة المسحيّة (scanning) للكتاب المقدّس فرقٌ شاسع:
مع الأولى، لا يعوزني إلاّ الوقت القليل والرغبة القليلة والشوق القليل...
بينما مع الثانية، أقدّم جهدًا حثيثًا وبحثًا دقيقًا وحبًّا عميقًا لأتغلغل في عمق حنايا النصّ ومكنوناته.
مع الأولى، أكون كمن يجلس في قاربٍ زجاجيٍّ (glass boat)، لا أرى إلّا المعالم القريبة منّي في ذلك البحر الواسع...
بينما مع الثانية، أكون كغطّاسٍ يسعى للغوص في أعماق البحر، وكلّما أبلغ عمقًا كلّما أرى عجائب أكثر، فيزداد انجذابي للغوص الأعمق والرغبة في البقاء في العمق لوقتٍ أطول.
مع الأولى، أكون كمن يتسوّق عبر الزجاج (Window shopping)، أجوب السوق دون الشراء...
بينما مع الثانية، أدخل المحلّ، أرى وألمس وأسمع وأشتري وأخرج للتمتّع بما ابتعتُ.
مع الأولى، أكتفي بالطعام سريع التحضير (Fast food) (عب 5: 13)...
بينما مع الثانية، آكل "الطعام القويّ الذي للبالغين مدرّبًا حواسّي على التمييز" (عب 5: 14)...
مع الأولى، أتماثل مع مجتمعٍ حاسوبيٍّ، أي مع عصر السرعة وطلب المعلومة بكبسة زرّ...
بينما مع الثانية، أتماهى مع انتظار رقباء الصبح وصبر المربّين ورجاء الزارعين وبحث المنقّبين وآمال الصيّادين.
مع الأولى، تَضيع منّي فرص الاندهاش والتلذّذ...
بينما مع الثانية، أتمتّع بروعة اكتشاف كنوز وحيِ الروح القدس بتذوّق كلمةٍ أشهى من العسل.